سورة الحجر - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


المتقي مَنْ وقَّاه الله بفضله لا مَنْ اتَّقى بَتَكلُّفِه، بل إنه ما اتقى بتكلفه إلاَّ بعد أن وقَّاه الحقُّ- سبحانه- بفضله. هم اليومَ في جنات ولها دَرَجات بعضها أرفعُ من بعض، كما أنهم غداَ في جنَّات ولها درجات بعضها فوق بعض.
اليوم لقومٍ درجةُ حلاوة الخدمة وتوفيق الطاعة، ولقوم درجة البسط والراحة، ولآخرين درجة الرجاء والرغبة، ولآخرين درجة الأنْسِ والقربة، قد علم كلُّ أناسٍ مشربَهم ولزم كلُّ قومٍ مذهبَهم.


معناه يقال لهم: {أدخلوها}، وأَجْمَلَ ذلك ولم يقل مَنْ الذي يقول لهم. ويرى قومٌ أن المَلكَ يقول لهم: أدخلوها.
ويقال إذا وافَوْا الجنة وقد قطعوا المسافة البعيدةَ، وقاسوا الأمورَ الشديدة َ، فَمِنْ حقِّهم أن يدخلوا الجنة، خاصةً وقد علموا أَنَّ الجنةَ مُبَاحةٌ لهم، ولعلهم لا يفقهون حتى يقال لهم.
ويقال يحتمل أنهم لا يدخلونها بقول المَلَكِ حتى يقول الحقُّ: أدخلوها، كما قالوا:
ولا أَلْبَسُ النُّعمى وغيرُك مُلْبِسٌ *** ولا أَقْبَلُ الدنيا وغيرك واهبُ
قوله: {بِسَلاَمٍ ءَامِنِينَ}: بمعنى السلامة، وهي الأمان، فيأمنون أنهم لا يخرجون منها.
ويقال كما لا يخرجون من الجنة لا يخرجون عما هم عليه من الحال؛ فالرؤية لهم وما هم فيه من الأحوال الوافية- مديدةٌ.


قوله جلّ ذكره: {وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}.
أَمَرَ الخليلَ عليه السلام ببناء الكعبة وتطهيرها فقال: {وَطَهِّرْ بَيْتِىَ} [الحج: 26]، وأَمَرَ جبريلَ عليه السلام حتى غَسَلَ قلبَ المصطفى- صلىلله عليه وسلم- فَطَهَّرَهِ. وتولّى هو- سبحانه- بنفسه تطهيرَ قلوب العاصين، فقال: {وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ} [الحجر: 47] وذلك رفقاً بهم، فقد يصنع الله بالضعيف ما يتعجَّبُ منه القوي، ولو وكل تطهير قلوبهم إلى الملائكة لاشتهرت عيوبُهم، فتولَّى ذلك بنفسه رفقاً بهم.
ويقال قال: {مَا فِى صُدُورِهِم} ولم يقل ما في قلوبهم لأن القلوب في قبضته يقلبها، وفي الخبر: «قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن» يريد بذلك قدرته، فاستعمل لفظ الإصبع لذلك توسعاً. وقيل بين إصبعين أي نعمتين.
قوله جلّ ذكره: {إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}.
قابل بعضُهم بعضاً بالوجه، وحفظ كلُّ واحدٍ عن صاحبه سِرَّه وقلبَه، فالنفوس متقابلة ولكنَّ القلوبَ غيرُ متقابلة؛إذ لا يشتغل بعضهم ببعض، قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ}.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13